خطبة نبوية
بقلم: المستشار عبدالكريم مقلد
كم إشتاق منا سماع خطبة متصلة نبوية وقد شحت المصادر إلا من خطبة الوداع ، وإليكم خطبة إفتراضية نبوية في مكارم الأخلاق من مجموع صحيح كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي عبارة استفتاح نبوي شريف مع عدد من الأحاديث الشريفة المتصلة بالفواصل عن مكارم الأخلاق في خطبة عصماء .
قال صلى الله عليه وسلم :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع أمره ، المرهوب من عذابه وسطوته ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
ثم أما بعد: إنّما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق، وإن من أحبّكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، وإن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم، وإن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا.
والمؤمن ليس بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء، بل إن المؤمن من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
ألا إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صدّيقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذّابًا.
وآية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ، وإن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فُحشه.
ألا إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه، ومن يُحرَم الرفق يُحرَم الخير كله، وإن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف.
ومن كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيّره من الحور ما شاء، وليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، ومن عفا وأصلح فأجره على الله، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة.
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ومن لا يَرحم لا يُرحم، وإنما يُرحم الله من عباده الرحماء، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، ومن لم يُوقّر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه، فليس منا.
ولا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق، تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وخير الناس أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم.
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وإن خلق المسلم الحسن ليُذيب الذنوب كما تذيب الشمس الجليد، وإن الله كتب الإحسان على كل شيء، وأحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا .
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، والمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم.
فاستوصوا بالناس خيرًا، ولا يكن أحدكم إمعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطِّنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا،وكونوا عباد الله إخوانًا، كما أمركم الله.
أو كما قال
ثم صلوا على خير من تمم الله به مكارم الأخلاق،محمد بن عبد الله، صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان خُلُقه القرآن، وكان أجود الناس، وأصدق الناس، وأوفى الناس، وأرحم الناس، وأحياهم خلقًا.
تعليقات
إرسال تعليق