القائمة الرئيسية

الصفحات

الساحل الشمالي.. نخاسة التباهي

الساحل الشمالي.. نخاسة التباهي


بقلم المستشار عبدالكريم مقلد 

أصبح الساحل الشمالي يمثل حالة بشعة غير مسبوقة من نخاسة التباهي والاستعلاء البغيض، وأصبحت هذه الحالة خارجه عن المألوف بكل المقاييس سواء المصرية أو حتى العالمية في كثير من مختلف الثقافات السياحية حول العالم، ويحضرني أكثر من صورة لحال هذه المشكلة المريضة أهلها.

الصورة الأولى:
أن هذه المشكلة استحضرت روح الإقطاع ، فقد كان الإقطاع يمثل نوعا من سوء توزيع الثروة بين أفراد المجتمع الناتجة عن توحش الفكر الرأسمالي الطبقي ، ولعل هذا التوحش الرأسمالي هو ما ساهم مع قدوم ثورة ٥٢ في تمويج ردود أفعال شرسة ، والتي تمثلت في قرارات التأميم والمصادرة وإعادة توزيع تلك الثروة ، وساهم الأمر في الانجراف للمعسكر الاشتراكي خلال الحكم الناصري ، وبالنظر للواقع المعاصر نجد أن نموذج الساحل يمثل أيضا صورة إقطاعية تجسد صورة من صور سوء توزيع الثروة العقارية الساحلية ، فإذا أمعنا النظر والتساؤل: فكم كيلو شاطئي متاح بالمدن الشاطئية السياحية لعموم ملايين المصريين؟ : وكم كيلو شاطئي من قرى سياحية متتابعة مملوكه لخصوصهم في عموم طول المدن الشاطئية والساحلية وبالأخص الساحل الشمالي بطول امتداده ومستوياته المختلفة ، ويظهر هذا جليا في تكدس عوام المصريين في الشواطئ العامة بجانب فقر الخدمات المقدمة بصورة تعكس سوء التوزيع لهذه الثروة وفي المقابل نرى فسحة الترف والخدمات الطبقية في الشواطئ الخاصة في عموم القرى السياحية بطول امتدادها ومختلف مستوياته ..... ، لقد أخضعنا الثروة الساحلية لقانون الطبقية الرأسمالية حتى توحش وتشرس ، وحتى فاض برداء الإقطاع القديم وصار إقطاع ساحلي بعد أن كان زراعي ، وأصبح قضاء بعض الوقت في اي مكان في الساحل علامة تقدم حضارية يتباهى بها صاحبها ، وصار مجرد الوصول إلي مياه الساحل التي خلقها الله على الأرض المصرية ضربا من أحلام اليقظة لملايين من المصريين بسبب تمايز إمكانية الوصول وبسبب الكلفة العالية الغير مبرره بسبب التوحش الرأسمالي الطبقي .

الصورة الثانية:
وهي الأخطر أنها تستحضر معها روح وأحوال قوم ثمود ، فقد قال تعالى ( وَتَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتًا فَٰرِهِينَ (149) فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوٓاْ أَمۡرَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ (151) ٱلَّذِينَ يُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا يُصۡلِحُونَ (152) سورة الشعراء
وقد كفروا بأنعم الله ، وكان مدخل كفرهم من باب الإسراف والترف ، فقد كانت معصيتهم الكبرى هي الإسراف في حلال أموالهم ، ثم تجبروا بها وسلكوا من ألوان المعاصي ما استوجب فيهم أمر الرسالة ونبوة سيدنا صالح عليه السلام ، ونرى إحياء سنتهم و شاكلتهم في هذا العصر من اتخذوا من صحاري البحار و الرمال بيوتا فارهين بملايين الجنيهات والدولارات سواء في النزل أو المقام ، وكانوا في تأقيت مقامهم فيها مسرفين في مبالغات رقمية تبلغ لحد الإفساد أو الفساد إلا ما رحم ربي ، ومن الغريب تباهي شق أهل الساحل بانفصامهم عن الخير وتسميتهم بأهل الساحل الشرير ، وكأنهم ارتضوا بأحوال المسمى لهم سبيلا.

وهذا واقع مرير نعيشه ونرويه ، وقد نرى عبرته ، أو نروي للمستقبل قصته .

تعليقات