القائمة الرئيسية

الصفحات

" رسالة إلى الفاروق "

بقلم : عبدالكريم مقلد

«بسم الله الرحمن الرحيم» .. من مسلم من الرعية إلى الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين
أما بعد
 فقد اصبحنا في زمن غثاء السيل ، وشاع تطفيف الكيل ، وساء حال الرعية ، وأصبح لكل ناعر مطية ، وتغمد سيف خالد المسلول ، واشتهر روبيضات ابن سلول ، وأتبعوا سنن من قبلهم إتباع الضب في مسير جحره ، وتمسكوا بقدوة المهلكات ، وطافت الفتن بالطرقات والبيوت بآلات من حديد تصدع بأصداء المعازف والتباهي بالزخارف ، وماجت نساء كاسيات عاريات بعد ستر ، وانطفئت لهم حمية الرجال الذين علفوا الأبدان ، وزادوها كعلاف الأنعام ، وكأن الله ينظر لصورهم لا إلى قلوبهم ، وكثر المتشبهين والمتشبهات والمؤتفكة أهوى ، وتكالبت عليهم الأمم ، واعتلى اليهود علوا كبيرا ، في بلد سبحان الذى أسرى وصار أهلها عندهم أسرى ، وتمهدت لهم الأرض ، يملكوا سمائها حتى الفرات ، وقد اعتّلت القلوب ، وظهرت منذرات قرب الساعة ، وقد أظلت الرؤوس وغفلت عنها النفوس ، ودارت الدوائر ، وشخصت الأبصار ، وتقطعت بلاد المسلمين ، ورسموا لها الحدود ، وأصبحت قطع متجاورات ، وتدابر العرب والمسلمين قواهم وأقواتهم ، وصار لقوم عاد من أرض العرب جزء مقسوم ، أقاموا فيه بالجند والسلاح يقولون جئنا لنصرتكم ، وما مقامهم إلا إذلالا وما يزيدون فينا إلا خبالا ، أما عمال الأمصار ، فصار ما صار ، وحسن وساء القرار ، وأصبحوا ملوكا وأمراء ورؤساء ، وأذاقوا أنفسهم بأس بعضهم البعض ، فغالب ومغلوب وراغب ومرغوب ، وكل مرتجي ، فمرتجي لنفسه ومنهم مرتجي لنفسه وعشيرته ، وقليل منهم مرتجي لأمته ودينه ، وأخلص غنيهم لرهبة عدوهم ، وأعطوا الجزية للروم صاغرين ، ومنعوا الزكاة في نصرة المسلمين ، وكثر عندهم المال ، وإن اعطوا كان عطاء المتكبرين يتبعه المن والأذى وإلحاف القزي ، وأجمعوا كما أجمع إخوة يوسف على يوسف ، ولم يرق لهم قلب إلا رق اللسان بأضعف الإيمان ، وفرقهم العدو تفريق الحمر من قسورة ، وتهادنوا تهادن الضعيف المتكبر ، ووضعوا عنهم هيبة العمامة ، وعقلوا إما عقال بدو الأعراب أو عقال رباط في اعناقهم يضعه العجم ، ومنهم المحصور ، ومنهم المكسور ، ومنهم المغرور ، ومنهم المستور ، ولم نجد منهم منصور في عواصف الفتن ، إلا متوقي لرسم حدود أرضه ، متترسا لعرضه ، غالبا بالله على أمره ، مترقبا سهام المطاعن من عدوه ، وخيرهم الجند الغربي الظاهرين بمصر بلد القيراط ، وقد شحذوا سيوف قلوبهم قبل سيوف حديدهم ، وتربصوا تربص الأسد في عرينه ، وقد كبلهم لجام الصبر عن الفلتة ، وقد احيطوا من كل جانب ، ولم يبق غيرهم وقد حفظهم الله بجواره ، برباط الله متمسكين ، شاخصين متى أمر الله بفتح حدود السور ، كشخوص إسرافيل للنفخ في الصور .......
وهذا والسلام وللحديث بقية بلا ختام

تعليقات