بقلم المستشار عبدالكريم مقلد
من مسلم من الرعية إلى الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين
أما بعد: فقد ملكوا في زماننا جيوشا لم تملكوا نصفها ولا مُدها ، ولو ملكتموها بإيمانكم لملكتم الدنيا ومثلها بأيمانكم ، إلا أنهم تمزقوا كل ممزق ، وتفرقت جيشوهم تفرق الليل من النهار ، وصارت جيوش العراق والشام كالغنم الشارد أو كفتات الجيف للضباع بعد الأسود ، وانقطع ينبوع الوحدة فيهم وجف ، وأقاموا الصلاة بلا إمامة في الصف ، ولم يبقى من العروبة إلا الإسم ، وركاكة اللسان العربي في الجسم ، ولم ينادوا في الجهاد إلا لطاولة لهم تسمى الجامعة العربية ، في جمعهم خير لكن بلا أنياب ، ينفقون للذهاب إليها و للإياب ، ما يسد جوع الأمة من الناس ، ووقفوا فيها على أبواب دماء المسلمين ، وقوف الضيف الذي يستحي الجلوس والطلب إلا بالحياء والأدب ، لا يعبأ أولهم بأخرهم ولا آخرهم بأولهم ، ومبلغ قوتهم أضعف الإيمان وأوسطه ، من ثلاث فيما جاء من خبر من رأي منكم منكرا ، وما استطاعوا أن يظهروا على عدوهم ، ولم يستطيعوا له نقبا ، وقد خافوا بفرقتهم أن يحل عليهم وعلى رعيتهم سخط عدوهم ، كما حل ببلاد المسلمين والبلد الأسير ، من بلوى وفتن ، وقد أعمتهم قبل أن تعّمهم ، وانتشر فيهم كيد عدوهم بجماعات موارق من خوارج الدين ، ليس لهم إلا حد الحرابة في الدين ، وما شغلهم بعد هذا إلا أن تنافسوا وتناطحوا إمارة المراء والجدال مع الروم واليهود ، ورأوا بذلك خلافة على المسلمين ، وقد آثروا بهوى تردىَ نحو الروم ، وتسولوا عندهم ما ملكوه من أسباب ، ويبس العرب والمسلمين أن يبلغوا من العلم ما يمكث في الأرض وما ينفع الناس ، ولم يبلغوا من العجم والروم إلا أن تشبهوا بأهل النار منهم في معايشهم ، وقد شغلت بطون الرعية بجهاد تحاز الدنيا ، من قوت يوم ، ومأمن عيش ، وعافية جسد ، وما هم ببالغيها إلا بشق الأنفس ، وترى بخل غنيهم ، وكوي جنوبهم ، وقد ملك أعراب بدوهم أموالا لو جمعوها لبلوغوا فوقها عنان السماء ، ولبلغ بها الطير والوحش بعد مفيض الأجواف والمؤن ، ولو ادركهم الصديق أبو بكر في خلافته لجمع عليهم القول في أمر الزكاة ، لعظم ما منعوا وذمة العرب والمسلمين ، وعظم ما بذلوه لأعدئنا من الدرهم والدينار وسموه عند الفرنج الدولار ، وقد قطروا القطمير لمن يرجى لهم الحمى من المسلمين من أهل الرباط والذمة من أهل مصر وحرم الطور ، ولم يراعوا فيهم الوصية ، وكابدوهم مكابدة المغالب في ضلع الدين ، ولم يهن أهل مصر منهم ، ولم يحزنوا ، ولم يركعوا ، ولله ظنوا وأحسنوا ، وأشهروا سيفهم لأمتهم و ترقبوا.
والسلام وللحديث بقية بلا ختام
تعليقات
إرسال تعليق