بقلم المستشار عبدالكريم مقلد
الأصل فيها التوحيد وسلامة الفطرة ، أما تعدد الأرباب عندهم فكان اقرب لتعدد العادة منه إلى التعدد في العبادة ، لذلك نجد في آيات سورة يوسف الكثير من شواهد النطق بالإيمان السماوي فنجد تكرار ذكر لفظ الجلالة والإستغفار والأسماء والصفات على لسان إمراة العزيز والنسوة وغيرهم في مشاهد الأحداث ، والشاهد أن الحق سبحانه لا يرد ذكر اسمه على لسان متحدث في القرآن الكريم إلا إذا كان معبودا و مقصودا لذاته لا غيره ، وهذا دليل على معرفتهم أصل التوحيد وإن كان لا يخلو من بعض الشطط الذي احتاج لتصحيح لبعض مفاهيمه ، ومن اللمحات في قصص سيدنا يوسف عليه السلام أنه لم يتعرض لأي إضطهاد في دعوته لا من كهان ولا من سلطان ولا غيره ، وكل ما مر به كان حادث القميص الذي برأه الله منه ، أما الدعوة والرسالة لم تمر بأي محن ، وهذا يدل على سلامة الفطرة في استقبالها من المصريين وتقبلها بتقبل حسن ، ولعل أجمل المقاربات في قيام الدعوة والرسالة اليوسفية بتصحيح مقام التوحيد والإيمان بالله والذي كان قائما بالفعل عند المصريين ما جاء في لطيفة لغوية قرآنية فقد جاء على لسان النسوة في موطن آيتين لفظ " حاش لله " وجاء على لسان سيدنا يوسف عليه السلام في موطن آيتين لفظ " معاذ الله " ولم يقل " حاش لله " كقول المصريين ، وفي ذلك إشارة لطيفة إلى تصحيحه المعاني في المباني اللفظية التي تشير إلى شائبة وفكر خاطئ عند المصريين القدماء والذي كان يحتاج لتصحيح وتقويم في مناط الإيمان بالله المقصود ووجهة المعبود فلم تكن العقيدة عندهم منهدمة بل كانت تحتاج فقط لبوصلة وإرشاد في الطريق لا إرشاد إلى الطريق.
تعليقات
إرسال تعليق