بقلم المستشار : عبدالكريم مقلد
ورد ذكر يوم الربيع المشهور بشم النسيم في القرآن الكريم في سياق قصص سيدنا موسي عليه السلام في قوله تعالى [ قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ يَوۡمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحۡشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى (59) ] سورة طه .
وهذا اليوم قديما في الحضارة المصرية كان يسمى عيد النيروز ، والملاحظ ان ذكر الاحداث في القرآن الكريم لا تُترك بمجرد السرد للأحداث دون بيان وصفها ، فما كان فيه مذمة أوشر كان يذكر بمذمة أو شر وما كان فيه خير كان يذكر بخير أو على الأقل الإقرار به في حدود المباح ما لم يكن مصحوبا ببراءة من الله منه ، والمتدبر يجد أن من ذكر اليوم ووصفه بيوم الزينة كان من سيدنا موسي عليه السلام ، لذلك كان في ذلك إشارة لطيفة و إقرارا من الله على ألوان البهجة التي تصنع في ذلك اليوم وبالطبع ما يتفق منها مع حدود المباح شرعا ، وفي ذلك إقرارا من الله على صحة الاحتفال بالمناسبات القومية التي تخص البلدان وثقافتها وحضارتها ، لذلك ذكرت بوصف يوم لمخصوص الموصوف والقومية فيه ، فلم يوصف أنه عيد والذي لا يكون إلا متصلا بطابع القومية الدينية لعموم المسلمين في العيدين الفطر والأضحى والمرتكزين على الاتصال باركان العبادة بشهر رمضان وموسم الحج ، وقد ورد الكثير مما يشرع الاحتفال بتلك المناسبات في غير الأعياد الدينية باعتبارها علامات مضيئة ودروسا مستفاد منها سواء في الكتاب أو السنة وقد ذكر منها الكثير والتي ارتبطت بأحداث هامة ومنها يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين ويوم الفتح ويوم المولد النبوي ويوم عاشوراء وليلة القدر والليال العشر ويوم عرفة ……وغيرها من المناسبات التي شكلت وجدان وعقيدة هذه الأمة .
ومن بركة يوم الزينة أو الربيع والتي وردت في القرآن الكريم أن كان محلا لآية من آيات الله ، فقد نصر الله سبحانه فيه سيدنا موسى عليه السلام ، لما واجه سحرة فرعون وأبطل الله سحرهم ، فكان يوما مباركا نصر الله فيه الحق على الباطل ، فقد قال تعالى [ وَأَلۡقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٍۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ (69) فَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ هَٰرُونَ وَمُوسَىٰ (70) ] سورة طه ، بل وانقلب المشهد بنعمة من الله بإيمان السحرة ، وكانوا من أهل مصر فكانوا أول المؤمنين برسالة توحيد سيدنا موسى عليه السلام بشهادة القرآن الكريم ، وقد قال تعالى [ قَالُواْ لَا ضَيۡرَۖ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَٰيَٰنَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (51) ] سورة الشعراء .
ومن الإشارات المباركة في هذا اليوم المبارك أن الله سبحانه يبطل ويعطل فيه عمل السحرة ، ويستحب في ضحى ذلك اليوم قراءة ما تيسر من سورة الشعراء وطه والكهف وما تيسر من الذكر لدوام الوقاية والحفظ ، لذلك فهو يوما مبارك عظيم الأثر والكرامة ، قال تعالى [ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) ] سورة إبراهِيم
وكل عام وحضراتكم بخير وأدام الله عليكم فضله وزين الله قلوبكم بالإيمان
تعليقات
إرسال تعليق