القائمة الرئيسية

الصفحات

من قضاء سيدنا «علي» في الفتنة الكبري

من قضاء سيدنا «علي» في الفتنة الكبري



بقلم : عبدالكريم مقلد

من أمثل ما سمعت من أهل الله أن الخلفاء الراشدين لم يكونوا خلفاء لبعضهم البعض بل كانوا خلفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل منهم في زمن ولايته ، وعند التدبر في الأحداث برباط الهدي النبوي في معنى حديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ...." 


 نعي تماما رجاح الرأي والحكم عند الخلفاء كل في زمن خلافته في القضايا الكبرى ، حتى ولو اختلف معه من حوله من كبار الصحابة ، ونتحدث هنا عن كمال الرؤية الأتم تحقيقا لصالح عموم الأمة من غير أن ينتقص من كمال رؤية غيره من زوايا مختلفة ، ولا أظهر من ذلك القرار الحازم من سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه في حروب الردة ، لذلك إذا انتقلنا لزمن سيدنا علي رضي الله عنه وكان أفقه وأعلم وأقضى الصحابة والناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال فيه " أقضاكم علي " 


لذلك فحكمه على الأمور وفي القضايا أتم وأكمل من غيره ، لذلك اختزنه الحق سبحانه لزمن خلافته لأنه زمن القضية الكبرى للأمة ، ولا أقول أنها قضية زمن عصره فقط بل يستخلص منها من الأحكام والسنن التي يمكن ان يسترشد منها عموم الأمة في مختلف الأزمنة وتغير الأحوال ، ومن أظهر الأحكام حكمه في التعامل في قضية ثأر سيدنا عثمان رضي الله عنه وقد تبنى رأي وحكم سيدنا عثمان رضي الله عنه مستمدا وجهة المسئولية في الحفاظ على المدينة المنورة من الاستباحة والهرج والمرج بل والتروي والتحري في تتبع رأس هذه الفتنة حتى ينقض عليها ويستأصل جذورها ويجفف منابعها ويقيم في المنافقين والمرجفين حكم وحد الحرابة بعد ما يستجلب فيهم الخبر اليقين من أقطار البلدان ، 



وهنا نرى اختلاف الرأي والحكم من سيدنا الزبير بن العوام رضي الله عنه ابن عمته صفيه بنت عبدالمطلب ومعه سيدنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، وكان الرأي عندهم هو إقامة القصاص في القتلة والمتمردين بمفهوم المصطلح المعاصر بمحاكمة هؤلاء بفقه قانون الطوارئ محاكمات ثورية والقضاء عليهم بسيف واحد وهو حكم عادل ولكن يحتاج لمشروعية الإنزال بالدليل والتحري والتقصي فمن هؤلاء المتمردين من كان مدبر ومنهم من كان مغرر به ومنهم من قد تكون حسنت نيته ومنهم أهل الدسائس ولم يشتركوا جميعهم في مقتلة استشهاد سيدنا عثمان رضي الله عنه .


 فقد كانت الغاية في التحرك من سادتنا رضي الله عنهم واحدة والمبدأ واحد ، ولكن اختلفت الرؤية ومناط التطبيق ، وقد كانت رؤية سيدنا علي رضي الله عنه أتم وأكمل وأحوط ، فلما بلغه تحرك سيدنا الزبير وطلحة رضي الله عنهما بجيش للعراق لتصفية من حصروا أسمائهم ممن كان من أهل العراق حاول إدراكهم برسالة ألا يفعلوا وإلا خرج عليهم الناس بطلب البينة في أبنائهم وإلا قاتلوهم ، وبالفعل هذا ما حدث بعد وصول الرسالة متأخرة ثم توالت الأحداث ..... 
ومن الدروس المستفادة من هذه الواقعة ما قضي به سيدنا علي رضي الله عنه من الحفاظ على النظم القضائي وأصوله ، وأدوات التقصي والتروي ، وعدم الاندفاع مما كان وقع الصدمة وضبط النفس في مختلف الأحوال خاصة إذا كانت مرتبطة بصالح عموم الأمة ، وهو الأمر الذي نراه في ضبط التحرك المصري في رشد وقواته المسلحة في الزمن المعاصر والأخطار المحيطة ، ورضي الله تعالى عن سائر الصحابة أجمعين وحفظ الله أمتنا المصرية والعربية من شرور الفتن.

تعليقات