القائمة الرئيسية

الصفحات

الحياة قرار 


كتبت : ريهام محمد الخزاعي 



" اخطأ من يظن ان النجاح هو الا تفشل او أن تكون صاحب انجاز دائما ، ان نجاحنا الحقيقي هو ان نبقى على قيد الحياة وان تظل قلوبنا تنبض برغم كل ما نقابله من صعوبات يوميا " بهذه الجملة بدأت صديقتي كلامها في حفل التكريم الذي اقيم لها بعملها وذلك لتحقيقها أهداف العمل بشكل أكبر من المطلوب خلال فترة وجيزة .


الأمر المثير هنا ان هذه الفتاة التي كرمت كانت بين الحياة والموت منذ عدة أشهر ، وبحكم علاقتي الوثيقة بها أدرك كم من صعوبات مرت وتمر بها منذ سنوات حتي أصيب قلبها بمرض ليس بهين - علي الرغم من ان عمرها لم يتجاوز الثلاثين - ، ولا زلت اتذكر اليوم الذي أخبرها الطبيب ان عليها ان تجري جراحة عاجلة والا ستصبح حياتها في خطر كبير ، وبدلا من ان تخف او تضعف ابتسمت ابتسامتها الهادئة المعتادة ، وفور خروجها من عند الطبيب جهزت اوراقها و حزمت حقائبها وتوجهت لأداء العمرة بدلا من الدخول لغرفة العمليات !!! وبعد عودتها من العمرة انخرطت في عملها وتناست الامها وها هي اليوم يتم تكريمها .



ولعل موقف صديقتي هذه ذكرني بموقف لأحدي قريياتي التي توفت منذ سنوات ، كان آخر اتصال بيني وبينها وهي تدعوني لحضور فرح ابنها ولا زلت اتذكر اخر كلماتها لي " انا بعافر في الدنيا لحد ما احضر فرح ابني " ، فقريبتي هذه كانت قد اصيبت بالسرطان قبل وفاتها بعشر سنوات ، وخلال سنوات مرضها ظلت قوية كما اعتادها الجميع وكانت دائما سند ومصدر أمل للجميع لم نراها يوما تتألم او تضجر ، الأمر العجيب انها توفت بالفعل بعد فرح ابنها بثلاث أيام وكأنها قد عقدت اتفاقا مع الحياة ان تبقي فيها حتي تتم مهمتها التي كانت ترجوها .



ان النماذج مثل صديقتي هذه او قريبتي تلك تخبرنا ان الحياة ليست قضاء و قدر ولكنها قرار ، فلكم سمعنا عن أشخاص أصيبوا بالاكتئاب لأنهم لم يحققوا هدف ما مما اودي بهم الي الموت في النهاية ، وآخرين ماتوا بالفعل من أثر نزلة شعبية استسلموا لها ، وايضا نري مثل هؤلاء الذين تحدوا الموت ، فلا يملك أحد منا مصباحا سحريا يمكنه من تسيير الأمور كما يشاء ان الحياة لا تربت علي اكتافنا دائما ، ولكن ما يفرق بين الحي والميت ان الحي استطاع تلقي الضربات ومواصلة المسير وهذا ما تنحي له الحياة احتراما .



أيها المتباكين علي أحوالهم يا من تقيموا العزاء لأبسط مشكلة تصيبكم ، تذكروا ان مناطحة القدر و الضجر لن تفيد ، وانه بدلا من التركيز علي ما فقدناه او لا يمكن تغييره يمكن ان نغير الدفة الي الأشياء التي يمكن تغييرها لتحقيق واقع أجمل ، فطه حسين الكفيف أصبح عميدا للأدب العربي ، والعقاد الذي لم يكمل تعليمه تدرس كتبه في أكبر الجامعات العالمية ، ايها البائسون تذكروا ان الحياة قرار .

تعليقات